دراسات في الديانات الهندية (1)

د. محمد ضياء الرحمن الأعظمي

مما لاشك فيه أن لكل أمة من الأمم الماضية والحاضرة عقيدة رئيسية تؤمن بها وتسير على وفقها في معالجة مشاكلها وإصلاح أحوالها في أفرادها وجماعتها تستعين بسنتها وتقضي القضايا بمقتضاها وأن الباحث يدرك حقيقة الأنظمة بمطالعة عقيدتها، فإذا تخلت الأنظمة والأديان عن العقيدة المركزية كانت كجسم متحرك دون روح، فأهم ما يؤخذ على الديانة الهندوسية أنها خالية من العقيدة الأساسية التي تبني عليها أمورها وترجع إليها الأمة لدى اختلافها، وعلماء الهندوس يشعرون بخلوها من هذه العقيدة بل يفتخرون بذلك.

يقول الزعيم الهندي (غاندي) : “ومن حظ الديانة الهندوسية أنها ليست لها عقيدة رئيسية فإذا سئلت عنها أقول: أن عقيدتها هي عدم التعصب والبحث عن الحق بالطريقة الحسنة، أم الاعتقاد بوجود الخالق وعدمه فكلاهما سواء، ولا يلزم لأي رجل من رجال الهندوس أن يؤمن بالخالق فهو هندوكي سواء آمن أو لم يؤمن (هندو هرم) “.

يقول في موضع آخر من هذا الكتاب: “من حسن حظ الديانة الهندوسية أنها تخلت عن كل عقيدة ولكنها محيطة بجميع العقائد الرئيسية والجواهر الأساسية للأديان الأخرى”.

يقول الدكتور: رادها كرشنا رئيس الجمهورية الهندية سابقا: “إن الديانة الهندوسية لا تنتمي إلى قوم من الأقوام بل هي ثمرات لتجارب الأمم التي أدت دورها في تكوين الفكر الهندوكي كما يدل عليه وجود تمثال

“شيو” 1، في الآثار القديمة من “موهن جودرا “2، فكان أهل الهند يعبدون الأصنام قبل الدور الأول وفبل ورود قوم “آريا “، ولذلك تأثر كتابهم المقدس “ويدا “، الذي جاء به قوم آريا من “منكوليا” وشرق آسيا بالحياة الدرورية القديمة. فالحضارة التي تكونت من هذه المصادر المختلفة هي الآن تسمى بالديانة الهندوسية.

فسبب خلوها من العقيدة المركزية والأسس الرئيسية تغيرت الديانة الهندوسية وتبدلت إلى حد لا يتصور حتى فقدت اسمها الحقيقي (ويدرك دهرم) وسميت باسم الهندوكية التي ليس لها أصل في اللغة السنسكرتية.

فإما أن نقول إن اسمها مأخوذ من كلمة اندس (اسم الهند القديم) أو من كلمة (سندهو) يعني السكان الذين شرق نهر سند، أو نقول إنه مأخوذ من كلمة هندو بمعنى اللصوص في اللغة الفارسية.

الكتب المقدسة

بسبب فقدان العقيدة لم يتفق علماء الهندوس على أمر ما حتى على الكتب المقدسة التي يعتبرونها مصدرا أساسيا للديانة الهندوسية وللحضارة الهندية، ولكن ادعى بعض المحققين الجدد أن الإيمان بالكتب المقدسة أمر متفق عليه عند جميع الفرق الهندوسية وهذه دعوى بلا دليل، فإن الفرق الكثيرة لا تؤمن “بويدا”، ولا تحترمه كالديانة البوذية والجينية والسيخية.

فإن قيل: إن هذه الفرق ليست من الديانة الهندوسية؛ فنقول: عندنا شهادات من علماء الهندوس الكبار الذين لا يعتقدون بخروج هذه الفرق عن الديانة الهندوسية مثل الزعيم الهندي غاندي الذي يقول: “نحن

__________

1 – هذه الآثار تدل على عبادة الأصنام قبل قوم: “دراود” وكان قوم دراود هم أصل سكان القارة الهندية قبل ورود قوم “آريا”،سنة 1500ق م. والمؤرخون يؤرخون تاريخ الهند منذ بداية قوم “دراود” لأنهم كانوا يعيشون في الدور الأول المسمى بالعهد الحجري النحاسي والأدوار ثلاثة: الأول: حينما كان الإنسان يعيش في الجبال والغابات ولم تكن عنده حضارة ولا تمدن، بل كانت حياته حياة وحشية هذه هي حياة دراود.

الثاني: يبدأ منذ ما سكن الإنسان البوادي والقرى وكون الجماعة والمجتمع وملك على نفسه أميرا أو رئيسا واستعمل المصنوعات مثل البنادق والمجانيق.

الثالث: هو الدور الحاضر المسمى بدور القنابل الذرية.

2 – بلدة معروفة في باكستان في وادي سند فيها آثار يرجع تاريخها إلى حوالي 3300ق م.

“شيو” 1، في الآثار القديمة من “موهن جودرا “2، فكان أهل الهند يعبدون الأصنام قبل الدور الأول وفبل ورود قوم “آريا “، ولذلك تأثر كتابهم المقدس “ويدا “، الذي جاء به قوم آريا من “منكوليا” وشرق آسيا بالحياة الدرورية القديمة. فالحضارة التي تكونت من هذه المصادر المختلفة هي الآن تسمى بالديانة الهندوسية.

فسبب خلوها من العقيدة المركزية والأسس الرئيسية تغيرت الديانة الهندوسية وتبدلت إلى حد لا يتصور حتى فقدت اسمها الحقيقي (ويدرك دهرم) وسميت باسم الهندوكية التي ليس لها أصل في اللغة السنسكرتية.

فإما أن نقول إن اسمها مأخوذ من كلمة اندس (اسم الهند القديم) أو من كلمة (سندهو) يعني السكان الذين شرق نهر سند، أو نقول إنه مأخوذ من كلمة هندو بمعنى اللصوص في اللغة الفارسية.

الكتب المقدسة

بسبب فقدان العقيدة لم يتفق علماء الهندوس على أمر ما حتى على الكتب المقدسة التي يعتبرونها مصدرا أساسيا للديانة الهندوسية وللحضارة الهندية، ولكن ادعى بعض المحققين الجدد أن الإيمان بالكتب المقدسة أمر متفق عليه عند جميع الفرق الهندوسية وهذه دعوى بلا دليل، فإن الفرق الكثيرة لا تؤمن “بويدا”، ولا تحترمه كالديانة البوذية والجينية والسيخية.

فإن قيل: إن هذه الفرق ليست من الديانة الهندوسية؛ فنقول: عندنا شهادات من علماء الهندوس الكبار الذين لا يعتقدون بخروج هذه الفرق عن الديانة الهندوسية مثل الزعيم الهندي غاندي الذي يقول: “نحن

__________

1 – هذه الآثار تدل على عبادة الأصنام قبل قوم: “دراود” وكان قوم دراود هم أصل سكان القارة الهندية قبل ورود قوم “آريا”،سنة 1500ق م. والمؤرخون يؤرخون تاريخ الهند منذ بداية قوم “دراود” لأنهم كانوا يعيشون في الدور الأول المسمى بالعهد الحجري النحاسي والأدوار ثلاثة: الأول: حينما كان الإنسان يعيش في الجبال والغابات ولم تكن عنده حضارة ولا تمدن، بل كانت حياته حياة وحشية هذه هي حياة دراود.

الثاني: يبدأ منذ ما سكن الإنسان البوادي والقرى وكون الجماعة والمجتمع وملك على نفسه أميرا أو رئيسا واستعمل المصنوعات مثل البنادق والمجانيق.

الثالث: هو الدور الحاضر المسمى بدور القنابل الذرية.

2 – بلدة معروفة في باكستان في وادي سند فيها آثار يرجع تاريخها إلى حوالي 3300ق م.

ومن المعلوم عند المتخصصين في الديانة الهندوسية أن ويدا ينادي بأعلى صوته بأضحية الحيوان فإليكم أيها القارئ بعضها.

تقول الملائكة: “يا اندر (إله المطر) إن وشنو إله الرزق يطبخ لك مائة جاموس ” (رك ويد 6-11-17) .

وفي موضع آخر: “هم يطبخون الثور وأنت تأكله” (رك ويد 10-28-3) .

وفي موضع آخر: “إن اندرا مع العباد يطبخ الثور السمين” (رك ويد 10-27-3) .

وفي موضع آخر يقول اندرا: “هي تطبخ لي خمسة عشر ثورا وأنا آكلهم فأكون سمينا” (رك ويد 10-86-14) .

هذه الاقتباسات جئنا بها من رك ويد والآن نتوجه إلى “ياجورويد”1 لترى أن هذه الأبواب من الباب الثاني والعشرين إلى الخامس والعشرين كلها مملوءة بأضحية الحيوان ولكن القانون الهندوسي تأثر بالديانة الجينية فحرم ذبح الحيوان كليا.

__________

1 – سيأتي تفصيله قريبا في باب المصادر الأساسية.

(يتبع)

التعليقات مغلقة.