الهند وأفغانستان – مصالح ومخاوف من سيطرة طالبان على كابول

الهند وأفغانستان – مصالح ومخاوف من سيطرة طالبان على كابول

محمود عاصم- باحث وصحفي بنيودلهي

قامت حركة طالبان على سيطرة كابل بتاريخ 15 أغسطس في نفس اليوم الذي تحتفل الهند عيد استقلالها بحماس وطني. ولكن يبدو أن المستجدات والتطورات من أفغانستان سادت على الأجواء الهندية بدلا من ذكر تضحيات أبطالها الذين ضحوا حياتهم من أجل استقلال البلاد من الاستعمار البريطاني في عام 1947م.

تناولت وسائل الاعلام كل المستجدات في أفغانستان بتغطية شاملة وواسعة ولا تزال تركز عنايتها على إجلاء المواطنين الهنود لا سيما من طبقة السيخ والهندوس حيث صرحت الهند بأنها تعطي الأولوية لهذه الطبقات في توفير التأشيرات لوصولهم إلى الهند.

كما كثفت الهند جهودها خلال الآونة الأخيرة لتمثيل دور أكبر في مستقبل أفغانستان حيث قام وزير خاجية الهند بزيارة الدوحة، المركز الرئيسي لمفاوضات السلام الأفغانية ثلاث مرات منذ يونيو 2021م.

إجلاء الهنود:

قامت جمهورية الهند بإجلاء سفيرها ومؤظفيها في السفارة الهندية لدى كابول بالإضافة إلى نقل نحو (50) مسؤولا من قنصليتها في مدينة مزار شريف ومدينة قندهار سابقا.

كما قامت بإجلاء حتى الآن أكثر من (400) من المواطنين الهنود من أفغانستان بمن فيهم اثنان من أعضاء البرلمان الأفغاني وعائلاتهم إلى الهند. ومن المتوقع أن تقوم بإجلاء الدفعات القادمة المكونة من طبقة السيخ والهندوس الأفغان في الأيام المقبلة حيث توصلت الهند إلى اتفاق مع قوات الأمن الأمريكية للسماح برحلتين يومياً لإجلاء المواطنين الهنود.

من جانبها، أكدت حركة طالبان على أنه لن يلحق أي ضرر بالمواطنين الهنود أو الدبلوماسيين المتواجدين في أفغانستان وأشادت بجهود الهند الإنسانية والتنموية ومشاريع البنية التحتية  في أفغانستان ولكنها حذرت الهند أيضا من لعب أي دور عسكري فيها.

مخاوف الهند بشأن الاستثمار والتجارة:

قامت الهند على مدى العقدين الماضيين، باستثمار أكثر من (3) مليارات دولار في بناء المدارس والطرق والسدود ومبنى البرلمان وتتمثل استراتيجية الهند التنموية في أفغانستان في مزج المشاريع الصغيرة مع المشروعات الكبرى لبناء النوايا الحسنة بين شعب أفغانستان.

بدأت الهند خلال السنوات الأخيرة أيضاً في التعاون في مجال الأمن، حيث قدمت طائرات هليكوبتر وأجهزة رادار إلى أفغانستان، حيث أعلنت العام الماضي عن القيام بنحو (150) مشروعاً إضافياً بقيمة (80) مليون دولار في أفغانستان.

تعتبر أفغانستان أحد أكبر شركاء الهند في مجال التجارة حيث بلغت قيمة صادرات الهند إلى أفغانستان حوالي (835) مليون دولارأمريكي، بينما وصلت قيمة واردات الهند من أفغانستان إلى حوالي (510) مليون دولار أمريكي خلال العام 2021م.

تقلق الهند من أن سيطرة طالبان تؤثر سلباً على استثماراتها والنوايا الحسنة التي اكتسبتها بين شعب أفغانستان، بالإضافة افساد مصالحها في المشاريع التجارية الهائلة مثل مشروع ميناء تشابهار الذي يسعى إلى تعزيز التعاون بين أفغانستان والهند وإيران.

موقف الهند تجاه طالبان:

لم تصدر الحكومة الهندية أي تصريح رسمي بشأن سيطرة طالبان على كابول ولايزال موقفها  غامض تجاه كيفية تعاملها مع أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على كابول.

ولكن الهند قلقة من سيطرة طالبان على زمام أفغانستان وتتخذ خطواتها بحذر و تبدو أنها تتعامل آجلا وعاجلا مع الحركة.

والدليل على ذلك بأن الهند خلال السنوات الماضية استبعدت إمكانية الحوار مع حركة طالبان بشكل مباشر بحجة أن التعاون معها سيؤدي إلى زيادة التطرف، إلا أن مشاركتها في المفاوضات الأخيرة، تعتبر تحولا مدروساً في موقفها بشأن التعامل مع طالبان.

أفادت الصحفية الهندية سوهاسني حيدر بأن الحكومة الهندية تواجه العديد من التحديات بعد سيطرة طالبان على أفغانستان بما فيها إجلاء الهنود وتقديم المساعدة للأفغان الذين يريدون مغادرة بلادهم من جهة والاعتراف بحكومة طالبان وكيفية التعامل معها من جهة أخرى.

من الجدير بالذكر بأن آخر المستجدات في أفغانستان تثير مخاوف الهند بشأن الوضع في كشمير، في ظل توترات حدودية مع باكستان من جهة، والصين من جهة أخرى حيث صرح بعض المسؤولين الهنود أن سيطرة طالبان على أفغانستان من شأنه أن يجعل الجماعات الإسلامية المقاتلة أكثر قوة وعنفا من كشمير إلى شينجيانغ.

يرى الخبراء بأن مصلحة الهند التجارية والأمنية هو في التعامل مع نظام جديد في أفغانستان حيث  تمتلك أفغانستان موقعا استراتيجيا مهما بالنسبة للهند وأن حركة طالبان أيضا تكون في حاجة إلى اعتراف حكومته من قبل الهند لقبول واسع لها على المستوى الدولي.

تعليق 1
  1. عدنان طارق يقول

    مقالتك رائعة جداً. افادتني كثيراً من الوضع الحالي في أفغانستان. شكرا لك جزيلا.

التعليقات مغلقة.