المصادر الأساسية للديانة الهندوسية

د. محمد ضياء الرحمن الأعظمي

إذا عرفنا أنهم لا يتقيدون بعقيدة رئيسية سهل علينا أن نقول: إن كل فرقة لها مصدر خاص ولا علاقة بينهما وبين غيرها.

فأساس الديانة البوذية هو تعليمات مقدسة وتجاوب مستمرة، وكذلك أساس الديانات السيخية (كروكرنتها) وأساس الديانة الجينية (كتب كثيرة لا تضبط ولا تحصى) . فكذلك أساس الديانة الهندوسية هو كما يلي:

  1. أربع ويدات.
  2. رواية علماء ويدات وعملهم.
  3. أسوة الصديقين والصالحين حسب زعمهم.
  4. نداء الضمير الإنساني.

ما هو ويدا؟

إن ويدا له أربعة أجزاء رك ويد – شام ويد – آثار ويد – ياجور ويد؛ ورك ويد هو الأصل الأساسي والثلاثة الباقية إما مأخوذة من الأصل أو أن فيها شيئاً غير مهم.

يقول العالم الهندوسي شردها نند: “وإذا أنعمنا النظر في رك ويد وجدنا أن غيره أخذ منه نقصاناً وزيادة؛ أما

ياجور ويد فليس بشيء فكثير من المحققين أخرجوه من مجموعة ويدات هكذا جاء في الكتاب المقدس (كيتا) يعني أن ويدا ثلاثة – رك ويد – شام ويد – آثار ويد”.

ثم هذه الوايدات كلهم تنقسم إلى قسمين:

الأول: المتون المسمى بـ (سمهثا) .

الثاني: الشروح المسمى بـ (براهمن) هكذا نقل عن كاتب ويد (ياسك) .

أما الذين قسموه إلى ثلاثة أقسام فزادوا قسماً ثالثاً وهو آرنيك1 والأسفار المقدسة (أبا نشد) التي دونت بعدها فهي كلها مأخوذة من آرنيك وبعضها من براهمن، وقد بلغ عدد أبا نشد حوالي مائة وثمانية ولكن المعتبر منها الهندوس ستة عشر على حد تعبير (شنكر اجار) 2.

ما هي حقيقة ويدات؟

يقول أصحاب وشنو: “إن ويد ألهم أولاً إلى العباد والزهاد (رشي ومنى) وأنه كان فيه مائة ألف أشلوك (آيات) ولكن غاب كثير منها بمرور الزمان فجاء رجل اسمه (وياس) (المولود سنة 950ق م كما علم من الآثار القديمة في هستنابور) ورتب ما بقي منه وجعله على أربعة أقسام ي ج – يجر – سامن – أتهرون”.

تلخيص ما تقدم:

  1. إن ويدات على ثلاثة أقسام سمهت – براهمن – آرنيك.
  2. إن أبا نشد مأخوذ من آرنيك يسمى ويدانت (مصدر معروف للتصوف كما نبه عليه كثير من المحققين الجدد مثل الدكتور شاعر الشرق محمد إقبال) .
  3. بلغ أشلوك ويدا مائة ألف ولكن ضاع منه الكثير.
  4. إن عدد أبا نشد مائة وثمانين ولكن المعتبر منه ستة عشر والباقي كله مسروق مزور.

__________

1 فيه تعليمات للرهبان وتاركي الدنيا.

2 كان من أكبر شراح أبا نشد ومجدد للديانة الهندوسية وقد صمد أمام الدعوة البوذية صموداً عجيباً حتى أخرجها من مولدها ووطنها يقول بعض المحققين “لولا شنكراجار لاندرست الديانة الهندوسية ولم تستطع المقاومة أمام أفكار البوذية”.

5 رتب ويدا رجل اسمه (ويدو ياس) (معروف عند الهندوس هو الذي كتب لهم بهارت وكيتا وبران) وسيأتي تفصيله إن شاء الله.

الحمد لله الذي حفظ لنا كتابه الأخير من عبث العابثين وتحريف المدجلين وصدق الله العظيم: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لحافظون} .

السمرتى:

ومن الكتب المقدسة المعتبرة عند الهندوس (إسمرتى) يعنون به القوانين له عدد كثير ولكن اتفقت آراء العلماء الهندوس على منو اسمرتى وهو قانون قديم كما جاء في الباب (1- 34- 35-36) بقدم العالم لأن برهما ألقى هذا إسمرتى في قلب (منو) .

والقوانين الهندوسية سواء تتعلق بالأمور الدنيوية أو الدينية كلها تؤخذ من هذا الكتاب، فإذن هو أساس لقضايا المحكمة الشرعية الهندوسية ولم تختلف واحدة من الفرق الهندوسية سواء البوذية أم الجينية أم السيخية في الأخذ منه بل كلها اتفقت في ذلك.

من أشهر تعليمات (منو اسمرتى) :

  1. البحث في خلق الكون.
  2. البحث في الطبقات الأربعة في المجتمع الهندوسي وتقسيم وظائفها.
  3. البحث في أعمار الإنسان.

أ – تفصيله طلب العلم من حين الولادة إلى خمس وعشرين يسمى برهما جاريه آشرما.

ب – الحياة العائلية من خمس وعشرين إلى خمسين يسمى (كرهستا آشرما)

ج – ترك الدنيا من خمسين إلى خمس وسبعين يسمى سنياس آشرما.

د – الإرشاد والتوجيه من خمس وسبعين إلى المنية.

بران:

كأنة ويد خامس عند العوام لأن فهم ويد متوقف عليه وهو موجود منذ القدم – كما هو الشأن في ويدا – فيه توضيحات وتماثيل لقصص ويدا فالذي يريد أن يعرف حقيقة ويدا فعلية بـ بران فأنة يوضح كل حكاية وقصة بالتمثيل.

يبلغ عدده حوالي ثماني عشرة وأعظمه رتبة وأكثره تداولا بين الناس

(بهكوت بران) فالهندوس يتلونه كل يوم بعد الصبح بكل أدب واحترام.

اختلف الباحثون في عصر كتابته فذهب جلهم إلى أنه قديم قدم ويدا فمرتبه هو صاحب ويد يعنى ويدو ياس ولكن المتدبر يعرف كذب هذه النسبة إليه بكل سهوله ويسر بأسباب:

  1. لا يقدر أحد أن يؤلف في حياته القصيرة مثل هذه الكتب المقدسة الكثيرة يعنى أربع ويدات مها بهارت ثم ثمانية عشرة بران.
  2. إذا قارنا بعضه ببعض عرفنا أنه مصدر تضاد واختلاف فمثلاً أصحاب بران (شيوا) جعلوا شيوا إلها أعظم وغيره خداما له وأصحاب بران (وشنو) جعلوه إلها أعظم وغيره خداماً له وأصحاب بران (ديوى) جعلوا ديوى مصدر الخلق وغيرها خداماً لها وهلم جراً وصدق الله العظيم {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا} .

فهذه النصوص المذكورة تدل على أن ويد وياس لم يصنف بران كله بل أصحاب بران افتروا عليه. والرأي الصحيح هو أنه ألف بعد زمن ويدا واشترك في تصنيفه كثير من المصنفين المتأخرين، ولكن لما أرادوا له الاحترام والتقديس نسبوه إلى ويد وياس، إلى هذا أشار المحقق الكبير الهندوسي ديانند.

هذه هي حقيقة تاريخية لبران الذي يرتل ويتلى في الحفلات والمجامع وعند عقد الزواج كالقرآن والتوراة والإنجيل. فإذا تأملنا في مباحثه نجد أشياء ينفر منها العقل السليم.

التعليقات مغلقة.