الفوز والفلاح في اتباع الكتاب والسنة
ظفر أحمد القاسمي
عن العرباض بن سارية، قال: وعظنا رسول الله يومًا بعد صلاة الغداة موعظةً بليغةً ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبد حبشي، فإنه من يعش منكم يرى اختلافًا كثيرًا، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ» سنن الترمذي (2676)، سنن أبي داود (4607)، سنن ابن ماجه(42)..
راوي الحديث: هو عرباض بن سارية السلمي، وكنیته أبو نجیح، صحابي مشهور، من أهل الصفة، نزل حمص، وحدیثه في السنن الأربعة، روی عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي عبيدة بن الجراح، قال محمد بن عوف: كان قديم الإسلام جدًا، وفي الطبراني عن طريق عروة بن رويم عن العرباض بن سارية وكان شيخًا كبيرًا من الصحابة، قال خليفة: مات في فتنة الزبير، وقال أبو مسهر: مات بعد ذلك سنة خمس وسبعين، الإصابة2/446..
معاني الكلمات:
– صلاة الغداة: صلاة الفجر | – موعظة بليغة: موعظة لها تأثير في القلوب |
– ذرفت: دمعت | – وجلت: خافت |
– مودّع: مفارق | – تعهد إلينا: توصينا |
– محدثات الأمور: البدعات | – ضلالة: ضد الهداية |
– عضّوا عليها: لازموها | – النواجذ: جمع ناجذ: السن الأخير الذي ينبت بعد البلوغ |
المعنى الإجمالي: لما كان النبي صلى الله عليه وسلم مأمورًا من الله تعالی بإبلاغ أوامر الله إلى عباده، وكان رؤوفًا رحيمًا بالمؤمنين، ومخلصًا في قوله، فكان يعظ الناس حينًا بعد حين، ويحذرهم بما تأتي من الفتن والخلاف بعد وفاته، فكان يرشدهم إلی ما فيه لهم من الصلاح والرشد والخير، يقول الصحابي الجليل العرباض بن سارية أن النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم بعد صلاة الفجر وعظنا موعظة تأثرنا بها، حتی وجلت قلوبنا ودمعت عيوننا، فقال واحد من أصحابه: يا رسول الله! موعظتك هذه مثل موعظة المودع الذي يفارق أهله، فبماذا توصينا أنت؟ فقال: عليكم بتقوى الله وإطاعة الأمير وإن كان عبدًا حبشيًا، اجتنابًا عن التفرقة في الأمة، وإياكم والبدعات والخرافات، فإنها ضالة تضلكم عن الصراط المستقيم، ويقع بعدي الخلاف الكثير في كثير من الأمور، ففي ذلك الوقت عليكم أن تلازموا سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ملازمة شديدة، فإن لكم فيها النجاح والفلاح.
ما يستفاد من الحديث:
- أن المواعظ لها تأثير في القلوب.
- حرص الصحابة علی العلم والمعرفة.
- جواز طلب النصائح من المودع إذا كان من أهل الخير.
- معجزة النبي صلى الله عليه وسلم بإخبار ما يقع في المستقبل من الخلاف في الأمة.
- وجوب السمع والطاعة للأمير فيما لم يكن من المعاصي.
- الفوز والفلاح في اتباع السنة وترك البدعة.
- سنة الخلفاء الراشدين مثل سنة النبي صلى الله عليه وسلم في وجوب الاتباع.
التعليقات مغلقة.